ليفربول ينفق ببذخ- صفقات تاريخية، مكاسب مالية، وطموحات متجددة

يشهد نادي ليفربول تحولاً ملحوظًا في سوق الانتقالات الصيفية الحالي، حيث أبرم سلسلة من التعاقدات المدوية مع لاعبين بارزين، أمثال فلوريان فيرتز، وهوجو إيكيتيكي، وميلوس كيركيز، وجيرمي فريمبونج، بهدف تعزيز صفوفه واستعادة بريقه المعهود.
إن وصف فترة انتقالات ليفربول الراهنة بأنها "تاريخية" ليس مجرد تعبير عابر، بل واقع ملموس يعكس الطموحات الكبيرة للنادي، الذي يسعى إلى استعادة لقب الدوري الإنجليزي الممتاز والمنافسة بقوة على الألقاب الأوروبية.
الأمر لا يقتصر على جودة اللاعبين المنضمين إلى الفريق، بل يمتد ليشمل المبالغ الطائلة التي أنفقها ليفربول حتى الآن، والتي تعتبر غير مسبوقة في تاريخ النادي.
تجاوزت مصاريف ليفربول في سوق الانتقالات الصيفية حتى الآن حاجز الـ 300 مليون جنيه إسترليني، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم في الأيام القليلة المقبلة، مما يثير التساؤلات حول مصادر هذه الأموال الطائلة.
هل كان الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز في الموسم الماضي كافيًا لزيادة أرباح النادي إلى هذا الحد، أم أن هناك عوامل أخرى ساهمت في هذا التحول المالي الكبير، الذي سمح لليفربول بإبرام هذه الصفقات المميزة، على عكس ما كان معهودًا عنه في فترات الانتقالات العشر الأخيرة على الأقل؟
دعونا نوضح لكم كيف تمكن ليفربول من الوصول إلى هذه الوضعية المالية المريحة للغاية، والتي لم يشهدها النادي الأحمر من قبل، مما جعله الأكثر إنفاقًا بين جميع أندية أوروبا في الصيف الحالي.
يبدو أن مجموعة "فينواي الرياضية"، التي تتخذ من ولاية بوسطن الأمريكية مقرًا لها وتمتلك نادي ليفربول، تبعث برسالة تحذيرية إلى جميع منافسي الفريق في إنجلترا، مفادها أن ليفربول عازم على المنافسة بقوة على جميع الألقاب في الموسم المقبل.
ولما لا، وقد أبرم النادي صفقتين من بين أكبر 5 صفقات في تاريخه خلال الأسابيع القليلة الماضية، بالتعاقد مع هوجو إيكيتيكي مهاجم آينتراخت فرانكفورت الألماني مقابل 79 مليون جنيه إسترليني، وفلوريان فيرتز جناح باير ليفركوزن مقابل 116 مليون جنيه إسترليني.
بهذه الصفقات، ينسف ليفربول المقولة التي كانت تتردد على ألسنة الجماهير في المواسم السابقة، والتي مفادها أن "الريدز لا يملكون الأموال، لكنهم سيفوزون بالدوري".
إلا أن إدارة ليفربول وملاك النادي يصرون على أنه لا يوجد أي تغيير في استراتيجية النادي خلال موسم الانتقالات وطرق صرف الأموال، وأن النادي يتبع حتى الآن طريقة الاكتفاء الذاتي في صرف الأموال، وهي الطريقة المتبعة في النادي منذ عام 2018 مع المدرب السابق يورجن كلوب.
في ذلك الوقت، تعاقد ليفربول مع الحارس أليسون بيكر والمدافع فيرجيل فان دايك من المقابل المادي لبيع فيليب كوتينيو إلى برشلونة مقابل 142 مليون جنيه إسترليني.
وكانت آخر مرة أنفق فيها ليفربول الكثير من الأموال في صيف 2023، عندما أعاد بناء خط وسط الفريق بالتعاقد مع كل من أليكسيس ماك أليستر ودومينيك سوبوسلاي وريان جرافينبيرخ وواتارو إندو.
دفع ليفربول في ذلك الوقت 148 مليون جنيه إسترليني لإبرام هذه الصفقات، لكنه في الوقت ذاته حقق مكاسب مالية أخرى من بيع فابينيو وجوردان هندرسون إلى السعودية مقابل 52 مليون جنيه إسترليني.
أما في الصيف الماضي، فلم ينفق ليفربول سوى 10 ملايين جنيه إسترليني لضم فيديريكو كييزا، وحقق مكاسب مالية بنفس المبلغ من بيع بوبي كلارك إلى سالزبورج.
كذلك، اشترى ليفربول حارس مرمى منتخب جورجيا وفالنسيا الإسباني جيورجي مامارداشفيلي مقابل 25 مليون إسترليني.
واستمرت مكاسب ليفربول المالية في صيف 2024 الماضي من بيع فابيو كارفاليو وسيب فان دن بيرج إلى برينتفورد مقابل 42.5 مليون جنيه إسترليني.
طفرة هائلة في المكاسب المالية لليفربول
في الموسم الماضي، وبعد عودة ليفربول للمشاركة في دوري أبطال أوروبا، حقق النادي مكاسب مالية كبيرة من حقوق البث التلفزيوني للمباريات الأوروبية للفريق.
وكما توقع الجميع، تجاوزت إيرادات ليفربول المالية في الموسم الماضي 2024-2025 حاجز الـ 700 مليون جنيه إسترليني بعد عودة الفريق للمشاركة في دوري أبطال أوروبا.
وبلغت إيرادات النادي المالية بنهاية الموسم الماضي 719 مليون جنيه إسترليني، بزيادة قدرها 17% عن الموسم الذي سبقه.
ارتفع الدخل التجاري فقط لليفربول إلى 336 مليون جنيه إسترليني، بعدما أبرم النادي شراكات قوية مع عدة شركات مختلفة، منها شركة الملابس الرياضية أديداس.
وعاد النادي لتحقيق الأرباح من كرة القدم، ليحقق أرباحًا تقدر بـ 51 مليون جنيه إسترليني، بعدما خسر 57 مليون جنيه إسترليني في موسم 2023-2024.
كذلك، ساهم ملعب أنفيلد الخاص بالفريق في زيادة الإيرادات المالية للنادي، بعد توسعة مدرجاته والعمل لمدة موسم كامل بشكل طبيعي بعد أعمال التوسعة.
وأبرم النادي شراكات تجارية رقمية ضخمة بالتعاقد مع رعاة جدد، مثل شركة Lucozade لمشروبات الطاقة وJapan Airlines.
الصيف الجاري: بيع اللاعبين يساهم في تعزيز الميزانية
الكل يتحدث عن المبالغ التي أنفقها ليفربول لإبرام صفقاته في الصيف الجاري، لكن الكثيرين لا يلتفتون إلى ما كسبه ليفربول من بيع لاعبيه، وهو أمر لا يقل أهمية عن الصفقات التي تعاقد معها النادي.
بدأ الأمر ببيع المدافع الشاب جاريل كوانساه إلى باير ليفركوزن الألماني مقابل 30 مليون جنيه إسترليني، والحارس كويمين كيليهير إلى برينتفورد مقابل 12.5 مليون جنيه إسترليني، والمدافع ناثان فيليبس إلى وست بروميتش ألبيون مقابل 3 ملايين جنيه إسترليني.
بالإضافة إلى الحصول على 10 ملايين جنيه إسترليني مقابل انتقال ترينت ألكساندر أرنولد إلى ريال مدريد قبل أيام قليلة من نهاية تعاقده مع النادي، حتى يتمكن من المشاركة مع الملكي في كأس العالم للأندية.
ونجح ليفربول أيضًا في توفير مبالغ مالية كبيرة بعد رحيل أرنولد، الذي كان يحصل على راتب أسبوعي قدره 200 ألف جنيه إسترليني، مما سيزيد من قوة الموقف المالي للنادي في المواسم المقبلة.
كذلك، نجح النادي في بيع لاعبه لويس دياز إلى بايرن ميونيخ الألماني مقابل 75 مليون جنيه إسترليني.
وأخيرًا، باع ليفربول مهاجمه الأوروجواياني داروين نونيز إلى الهلال السعودي مقابل 45 مليون جنيه إسترليني، ليصبح إجمالي عوائد ليفربول المالية من بيع اللاعبين في الصيف الجاري 175 مليون جنيه إسترليني.
وهذا الأمر منح النادي حرية أكبر في صرف المزيد من الأموال على الصفقات، ولولا تمسك نادي نيوكاسل بنجمه ألكساندر إيزاك، لكان ليفربول أبرم الصفقة وأنفق أكثر من 130 مليون جنيه إسترليني، ليكسر للمرة الأولى في تاريخه حاجز الـ 400 مليون جنيه إسترليني في فترة انتقالات واحدة.
كما أن إيرادات النادي المالية من بيع اللاعبين مرشحة للزيادة في حالة بيع المدافع الفرنسي إبراهيما كوناتي، المرشح للانتقال إلى ريال مدريد.
الإضافة الفنية: تعزيز قوة الفريق
من المؤكد أن صفقات ليفربول الجديدة ستمثل إضافة فنية كبيرة للفريق، وقد ظهر ذلك جليًا في مباراة كأس درع الاتحاد الإنجليزي، على الرغم من الخسارة أمام كريستال بالاس.
فقد سجل الثنائي الجديد إيكيتيكي وفريمبونج هدفي ليفربول في المباراة، كما ظهر الظهير الأيسر كيركيز ولاعب الوسط فيرتز بمستوى جيد.
ويبدو أن آرني سلوت، مدرب ليفربول، سيعتمد بشكل كبير على هذا الرباعي في التشكيل الأساسي لفريقه.
سيتولى فريمبونج قيادة الجبهة اليمنى بعد رحيل أرنولد، بينما سيشغل كيركيز الجبهة اليسرى في ظل تراجع مستوى روبيرتسون، وأصبح إيكيتيكي المهاجم الأساسي للفريق، وكذلك فيرتز، الذي يمكن الاعتماد عليه في خط الوسط والهجوم.
فترة انتقالات استثنائية وغير مسبوقة
يرى الكثيرون أن ليفربول تصرف بشكل استثنائي في فترة الانتقالات الجارية، سواء في شراء اللاعبين أو بيعهم، لكن ما فعله النادي في الصيف الحالي سيجعل الأمور أكثر هدوءًا في المواسم المقبلة.
لأن التدعيمات التي سيحتاج إليها ليفربول في السنوات المقبلة ستكون في أضيق الحدود وللضرورة فقط، لأن النادي بالفعل أعاد بناء الفريق بمجموعة مميزة من النجوم الشباب، إلى جانب أصحاب الخبرات المتواجدين في الفريق، وعلى رأسهم محمد صلاح وفيرجيل فان دايك وأليسون بيكر وأندرو روبيرتسون.
بالإضافة إلى أن الوضع المالي للنادي في وضع جيد جدًا ومريح بالنسبة للإدارة، وليس ذلك فحسب، بل من المتوقع أن تزيد عوائد النادي المالية في الموسم المقبل، حتى في حالة عدم الفوز بأي بطولة.
وهنا يطرح السؤال المهم نفسه: ماذا تتوقع لموسم ليفربول المقبل في إنجلترا وأوروبا بعد هذه المجموعة المميزة من الصفقات؟ هل سيتمكن الفريق من تحقيق الأهداف المرجوة والمنافسة على الألقاب؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة على هذا السؤال.