ريال مدريد وبرشلونة- صراع التحضيرات، طموحات متباينة وسيطرة منتظرة.

المؤلف: أحمد أباظة11.11.2025
ريال مدريد وبرشلونة- صراع التحضيرات، طموحات متباينة وسيطرة منتظرة.

انتدب ريال مدريد مُدافعين ولاعبَين في مركز الظهير، إضافة إلى نجم لاتيني واعد، مُستعيدًا بذلك عادته في ضم اللاعبين الواعدين على غِرار فينيسيوس ورودريجو وغيرهم. لقد عالج الفريق الملكي الكثير من المشاكل التي عانىٰ منها، خصوصًا على الصعيد الدفاعي الفردي، مُعززًا بذلك صفوفه بمجموعة من اللاعبين الذين يتمتعون بمهارات فردية عالية.

والأهم من ذلك، استبدل النادي مدربه الذي عفا عليه الزمن في عالم كرة القدم الحديث، واستعان بأحد أبنائه وأساطيره ليقوده بأفكار عصرية وكرة قدم مُنظمة تتناسب مع متطلبات العصر، وهو الآن يخطو خطواته الأولى نحو استعادة الهيمنة وتصفية حسابات الموسم الماضي مع برشلونة. فماذا فعل الفريق الكتالوني للرد على هذه التحركات؟

اكتفىٰ بالتعاقد مع حارس مرمى واستعارة مُهاجم تخلّىٰ عنه ناديه!

الظواهر الأولية لا تبعث على التفاؤل، ولكن متىٰ كانت هذه الظواهر الفيصل في تحديد كل شيء؟

في الموسم الماضي، لم تتوقع حتى أقصى التقديرات المتفائلة أن يحقق برشلونة إنجازًا كبيرًا، مهما بلغت الثقة في اسم هانزي فليك. ومع ترسيخ أفكاره في كتالونيا، أصبح الرهان على الصمود حتى شهر أبريل، ومع نتائج النصف الأول من الموسم، دار التساؤل حول احتلال أحد المركزين الثاني والثالث. ولكن ما هي النتيجة النهائية؟

حقّق الفريق ثلاثة ألقاب، ووصل إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، دون الخوض في تفاصيل يعرفها الجميع.

وها هو فليك يخوض موسمه الثاني بنفس الأفكار، والشراسة البدنية، والحِدّة الهجومية، وبنفس العناصر تقريبًا. وإذا نجح جوان جارسيا، فسيمنحه إضافة لم يتمتع بها في الموسم الماضي. فمع كامل الامتنان لما قدمه تشيزني الذي عاد من الاعتزال في وقت حرج، إلا أنه من الواضح كم مرة خذله جسده الذي عاد من الاعتزال.

أما التعويل على راشفورد، فإنه لا يمثل الكثير من المشاكل. فبينما اتجه برشلونة في البداية نحو نيكو ويليامز، إلا أن تخوّف الأخير من أزمات تسجيل اللاعبين المستمرة حتى الآن كان له ما يبرره، وبالتالي لم يترك هذا للفريق الكتالوني الكثير من الخيارات على كل حال.

راشفورد لاعب موهوب، وهذا لا جدال فيه، ولديه تاريخ من المشاكل الذهنية والانضباطية، وهذا أيضًا لا جدال فيه. ولكن فليك يملك القدرة على فرض الانضباط، وفي الوقت ذاته التعامل عن كثب مع فريق يمثل صغار السن غالبيته العظمى. هذه المعادلة الصعبة التي يجيدها المدرب الألماني قد تكون السبيل الوحيد لإنقاذ مسيرة راشفورد. فإن نجح فليك في ذلك، فقد حقق إنجازًا، وإن لم ينجح، فإنها لم تكن مُخاطرة كبيرة على كل حال.

وبالحديث عن أزمات التسجيل، التي من المفترض أن تشهد انفراجة حين تنتهي فوضى التقرير الطبي لتير شتيجن، فقد تلقى برشلونة فيها دفعة هامة بخلو راتب إنييجو مارتينيز، وهذا في حد ذاته مشكلة كبيرة.

فقد كان إنييجو قائد خط الدفاع وركيزة أساسية في تطبيق مصيدة التسلل، وهو الأمر الذي يعاني معه رونالد أراوخو بشكل واضح للغاية. ما يعني أن سرعة تعلم أراوخو وتجنب أندرياس كريستنسن للإصابات طويلة الأمد سيكون لهما تأثير كبير على ضمان استقرار الفريق في هذا الموسم، لأن برشلونة لن يتعاقد مع أي لاعب آخر في الصيف الحالي، هذا أمر جليّ وواضح للعيان.

الواقع يُشير إلى أن برشلونة فقد أحد أهم مُدافعيه، إن لم يكن الأهم على الإطلاق، ولا يزال يعاني نقصًا واضحًا في مركز بدلاء الأظهرة، وسيضطر لاختبار مرونة إريك جارسيا في جميع مراكز الملعب تقريبًا. ولكنه لم يتضرر في أي مركز آخر، بل أضاف إلى نفسه عمقًا هجوميًا بلاعب آخر يجيد اللعب في الهجوم والجناح.

وفي كل موسم تحضيري، تُخرج لنا لاماسيا موهبة جديدة لنرى كيف سيكون مصيرها، إما يامال وإما إيزاك كوينكا. فقد أظهر لنا فليك أربعة وجوه جديدة، بيدرو فيرنانديز "درو" وتوني فيرنانديز في الخط الهجومي، وجوفري تورينتس كظهير أيسر يملك فرصة ذهبية بوجود جيرارد مارتين كالظهير الثاني، وأخيرًا جيلي فيرنانديز لاعب الوسط، وهو الأقل حظًا في الخط الأكثر كثافة وقوة لدى النادي الكتالوني.

المحصلة النهائية للتغييرات التي طرأت على برشلونة قد لا تعني الكثير، تراجع هنا ودعم طفيف هناك. وفي النهاية، السيناريو الأقرب هو أننا سنرى نفس برشلونة الذي شاهدناه في الموسم الماضي. وفي ظل هذا الوضع الاقتصادي الخانق للعام الخامس على التوالي، تبقى أغلب أوراق اللعبة في يد الخصم اللدود: ريال مدريد.

الأسئلة التي تحيط بالفريق الملكي أكثر عددًا، وأكثر خطورة، وأكثر تأثيرًا على مجريات الأحداث. فهو النادي الذي يخوض تجربة جديدة مع مدرب جديد، وهو النادي الذي حصّن دفاعه، ولكن لا تزال نفس الشكوى قائمة بشأن جودة نقل الكرة في خط الوسط، إذ فقد فيها آخر ما تبقى من لوكا مودريتش، ويحاول البحث عنه في أردا جولر!

لا يزال السؤال الأصعب مطروحًا على طاولة مدريد بشأن ثنائية مبابي وفينيسيوس. ولا يزال السؤال قائمًا حول مدى نجاح فرض منظومة ألونسو بتعقيداتها. ولا يزال ريال مدريد يخوض يومه الثامن في التحضيرات التي اضطر لبدئها متأخرًا بسبب عودته من ورطة كأس العالم للأندية.

يمتلك ريال مدريد العديد من المزايا، وعلى رأسها الميزة المالية، ولكن على عكس الموسم الماضي، هو من سيتوجب عليه القتال لإسقاط برشلونة وليس العكس. ويتطلب ذلك الإجابة على جميع الأسئلة السابقة. ثم يأتي في النهاية سؤال لن نعرف إجابته قبل 26 أكتوبر: هل ستنجح المنظومة الجديدة في التصدي لمنظومة فليك؟

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة